كيفية التغلب على المماطلة في العمل

كيف تتغلب على المماطلة في أثناء تطوير عملك؟

المماطلة أو التأجيل هي إحدى أكثر المشاكل شيوعًا التي تواجه الأفراد في مختلف مجالات حياتهم، خاصةً في بيئة العمل. ورغم أنها قد تبدو كعائق بسيط، إلا أن تأثيرها على إنتاجية الأفراد وعملهم يمكن أن يكون مدمرًا. فمع مرور الوقت، يمكن أن تتحول المماطلة إلى عادة تؤثر على جودة الأداء وتبطئ تقدم المشاريع. في هذا المقال، سنتناول كيفية التغلب على المماطلة بطرق علمية وفعّالة، تساعد الأفراد على تطوير أعمالهم والارتقاء بها.

1. فهم أسباب المماطلة

قبل أن تتمكن من التغلب على المماطلة، من الضروري أن تفهم أسبابها. المماطلة ليست مجرد عادة سيئة، بل هي نتيجة لعوامل نفسية وبيئية متنوعة. تتفاوت أسباب المماطلة بين الأفراد، ولكن بعضها يشترك في العوامل التالية:

• الخوف من الفشل: كثيرًا ما يتجنب الأشخاص المهام التي يشعرون بأنها قد تبوء بالفشل. هذه المخاوف قد تكون نتيجة للتوقعات العالية التي يضعها الشخص على نفسه أو بسبب تجارب سابقة فاشلة.

• عدم وضوح الأهداف: إذا كانت الأهداف غير محددة بوضوح، فمن السهل أن يقع الشخص في فخ المماطلة. عدم معرفة الهدف النهائي قد يؤدي إلى حالة من التشتت الذهني الذي يساهم في تأجيل العمل.

• الشعور بالإرهاق: في بعض الأحيان، قد تكون المهام التي يجب إنجازها كبيرة أو معقدة لدرجة تجعل الشخص يشعر بالإرهاق منها، مما يؤدي إلى تأجيلها دون أن يشعر بذلك.

• غياب الحافز: قد يكون غياب الحافز الخارجي أو الداخلي هو أحد أسباب المماطلة. إذا كانت المهام غير مثيرة للاهتمام أو لا تتماشى مع اهتمامات الشخص، قد يتأجل العمل بشكل مستمر.

2. تحديد الأهداف بوضوح

أحد أهم أسباب المماطلة هو عدم وضوح الأهداف. عندما لا يعرف الشخص ماذا يريد بالضبط أو كيف يخطط لتحقيق أهدافه، فإنه يواجه صعوبة في البدء. لذا، من الضروري أن يتم تحديد الأهداف بشكل واضح وواقعي. لتحقيق ذلك، يجب:

• تقسيم الأهداف الكبيرة إلى مهام صغيرة: بدلاً من التفكير في الهدف الكبير ككتلة واحدة، يمكن تقسيمه إلى مهام أصغر يمكن التعامل معها بسهولة أكبر. بهذه الطريقة، يتمكن الشخص من رؤية التقدم بشكل دوري، مما يحفز على الاستمرار.

• تحديد مواعيد نهائية واضحة: تعد المواعيد النهائية من العوامل المحفزة التي تجنب الشخص من التأجيل. تحديد مواعيد نهائية واقعية يمكن أن يساهم في زيادة الشعور بالمسؤولية.

3. استخدام تقنية “Pomodoro” لإدارة الوقت

تقنية “Pomodoro” هي واحدة من أبسط وأكثر طرق إدارة الوقت فعالية. تعتمد هذه الطريقة على تقسيم العمل إلى فترات زمنية قصيرة تُسمى “Pomodoros” (عادة 25 دقيقة)، تليها فترات استراحة قصيرة (5 دقائق). بعد أربع فترات من العمل، يتم أخذ استراحة أطول (15-30 دقيقة).

تساعد هذه التقنية على التركيز على مهمة واحدة في وقت محدد، مما يقلل من التشتت. كما أن فترات الراحة القصيرة تجدد النشاط الذهني والبدني، مما يمنع الإرهاق ويزيد من الحافز.

4. التخلص من مصادر التشتت

التشتت هو أحد أكبر أعداء الإنتاجية. في عالم اليوم، الذي مليء بالمشتتات مثل الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، قد يكون من الصعب التركيز على العمل. للتغلب على هذا التحدي، يمكن اتباع بعض الخطوات البسيطة:

• إيقاف التنبيهات: يمكن إيقاف إشعارات الهواتف الذكية أو البرامج التي قد تشتت الانتباه خلال فترات العمل.

• استخدام التطبيقات المساعدة: هناك العديد من التطبيقات التي تساعد في تحسين التركيز مثل “Focus@Will” أو “Forest” التي تشجعك على البقاء بعيدًا عن المشتتات.

• اختيار بيئة عمل هادئة: خلق بيئة عمل منظمة وخالية من المشتتات يعتبر خطوة أساسية. يجب اختيار مكان هادئ بعيدًا عن الضوضاء أو الأنشطة التي يمكن أن تشوش التفكير.

5. تحفيز النفس بشكل مستمر

من أهم العوامل التي تساعد على التغلب على المماطلة هو تحفيز النفس. عندما يكون الشخص متحمسًا للإنجاز، يزداد مستوى التركيز ويصبح من السهل عليه دفع نفسه لإنجاز المهام المطلوبة. يمكن تحقيق التحفيز الداخلي من خلال:

• مكافأة النفس: بعد إتمام مهمة معينة أو بلوغ هدف ما، يمكن منح النفس مكافأة، مثل تناول وجبة مفضلة أو مشاهدة حلقة من برنامج محبوب.

• مراجعة النجاحات السابقة: عند الشعور بالتراجع أو فقدان الحافز، يساعد تذكر النجاحات السابقة على رفع المعنويات. يمكن النظر إلى الأعمال التي تم إنجازها بالفعل كدافع للاستمرار.

• استخدام العبارات الإيجابية: يمكن استخدام العبارات التحفيزية اليومية لتعزيز الثقة بالنفس، مثل “أنا قادر على إتمام هذه المهمة” أو “كل خطوة تقربني من هدف أكبر”.

6. التركيز على العملية وليس النتيجة

من المهم أن يدرك الشخص أن النجاح ليس في الوصول إلى الهدف فقط، بل في الرحلة ذاتها. التركيز على العملية يجعل المهام تبدو أقل صعوبة ويسهل الالتزام بها. عندما يتحول التركيز إلى الاستمتاع بالعمل نفسه بدلاً من التفكير في النتيجة النهائية فقط، يصبح الشخص أقل عرضة للمماطلة.

7. المتابعة والتقييم المستمر

من أجل التأكد من التقدم في العمل، يجب أن يتم متابعة وتقييم الأداء بشكل مستمر. التقييم لا يعني الانتقاد، بل هو عملية تحليل لمدى التقدم الذي تحقق والأسباب التي قد تكون تسببت في التأخير. يساعد التقييم المستمر على فهم العوائق التي قد تواجه الشخص وتحديد الحلول المناسبة لها.

8. البحث عن الدعم الاجتماعي

التعاون مع الآخرين يمكن أن يكون له دور كبير في التغلب على المماطلة. يمكن أن تساعد مجموعة من الزملاء أو الأصدقاء في تحفيز الشخص على العمل بجدية أكبر. من خلال تبادل المهام أو المسؤوليات، يمكن تحقيق تقدم أسرع، كما أن وجود شخص آخر يشجعك يمكن أن يرفع من مستوى الالتزام بالمهام.

9. التعامل مع المماطلة في أوقات الضغط

في بعض الأحيان، يكون الضغط الزمني عاملًا مشتركًا مع المماطلة. قد يشعر الشخص بأنه لا يملك الوقت الكافي لإتمام المهام. في مثل هذه الحالات، يمكن استخدام بعض تقنيات إدارة الوقت مثل “تقنية المواعيد المرنة” التي تعتمد على تخصيص أوقات معينة لكل مهمة ولكن مع بعض المرونة.

10. التدريب على السيطرة على العواطف

في بعض الأحيان، لا تكون المماطلة نتيجة للكسل بل بسبب مشاعر سلبية مثل القلق أو الإحباط. يمكن التعامل مع هذه المشاعر من خلال تقنيات مثل التأمل أو التنفس العميق. تعتبر هذه التقنيات مفيدة في تهدئة العقل والجسد، مما يساعد على العودة إلى التركيز وإتمام المهام بنجاح.

11. إعادة ترتيب الأولويات

أحد الأسباب التي تؤدي إلى المماطلة هو عدم ترتيب الأولويات بشكل صحيح. إذا كانت هناك العديد من المهام التي يجب القيام بها، فقد يجد الشخص نفسه غير قادر على التركيز على أي منها بشكل فعال. من الضروري أن يقوم الشخص بتحديد المهام الأكثر أهمية أولاً، ومن ثم التركيز على إتمامها قبل الانتقال إلى المهام الأقل أهمية.

الخلاصة

المماطلة ليست مشكلة مؤقتة بل هي عادة يمكن أن تتطور وتؤثر بشكل كبير على الأداء الشخصي والمهني. ولكن، من خلال فهم الأسباب العميقة وراء المماطلة، واستخدام تقنيات محددة لإدارة الوقت والتحفيز، يمكن التغلب عليها بشكل فعال. يبقى النجاح في القدرة على تنفيذ الخطوات الصغيرة اليومية التي تقود في النهاية إلى تحقيق الأهداف الكبرى.